المراه في الجاهلية - موقع الطالب الناجح

الاثنين، 8 مارس 2021

المراه في الجاهلية

لقد كانت المرأة لدى معظم الشعوب وفي مختلف بلاد العالم، ولا سيما عند عرب الجاهلية إنساناً منتقص الحقوق مهدور الكرامة، فهي مصدر شرّ، ومبعث تشاؤم،و لو اردنا ان نصرف النظر عمّا نقله المؤرخون وأهل الأخبار حول نظرة الجاهلية للمرأة وكيفية تعاملهم معها، ولا سيّما أن البعض قد يشكك في صحة بعض تلك المرويات، فإنّ فيما نقله لنا القرآن الكريم حول ذلك كافٍ وكفيل بأن يعكس الصورة الحقيقية. 

فكان اذا ولد الرجل أنثى، فإنّه يشعر بالعار والخجل، وقد عبّر القرآن الكريم عن ذلك أبلغ تعبير، حيث قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}، ويبلغ العار والشنار بالإنسان الجاهلي فيما لو ولدت له أنثى حدّ الجرأة على وأدها - أي دفنها حية - في جريمة وحشية منقطعة النظير، قال تعالى في التنديد بهذه الجريمة: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} وكانت تلك النظرة تقوم على أساس أنّ المرأة ملحقة بالرجل، فكأنَّها ملكُهُ أو شيءٌ من أشيائه، فهو يرثها إذا مات زوجها كما يرث المتاع والعقار، فقد روي عن ابن عباس قال:«كان الرجل إذا مات أبوه أو حميمه كان أحق بامرأة الميت، إن شاء أمسكها أو يحبسها حتى تفتدي منه بصداقها أو تموت فيذهب بمالها»‪[1]‬. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ}. وفي أسباب النزول - فيما روي عن ابن عباس أيضاً -: «كان الرجل إذا مات، كان أولياؤه أحقّ بامرأته من وليِّ نفسِها: إن شاء بعضهم تزوّجها أو زوّجوها، وإن شاؤوا لم يزوّجوها!»‪[2]‬.

واما على الصعيد الاخلاقي فقد كان هناك استخفافٌ ذريعٌ بعفّة المرأة وشرفها، ولم يرعوِ الجاهلي الذي كان يئدُ المرأة خوف المعرّة، من العمل - أحياناً - على تحويلها إلى سلعة رخيصة في سوق الاتجار الجنسي، نظير ما يجري اليوم في بلدان تزعم التقدم وحفظ حقوق المرأة واحترامها، وكان الأمر يصل إلى حدّ إكراه المرأة على البغاء، قال تعالى مندداً بهذه الخسّة: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} . 

وما جاء في القرآن والمرويات والاخبار عن المؤرخين وغيرهم يُظهر بجلاء أنّ حال المرأة في الجاهلية - سواء الجاهلية العربية أو سائر الجاهليات - لم يكن على ما يرام، خلافاً لما عليه الحال مع الإسلام والذي سعى إلى نقلها إلى المستوى اللائق بها، باعتبارها صنو الرجل في نظام الخلافة الإلهيّة وشريكته في مهمّة عمارة الأرض فمع مجيء الإسلام وبعثة النبي الأكرم(ص)، تمّ محو تلك الصورة القاتمة وطيّ هذه الصفحة المهينة للإنسان والإنسانيّة عموماً قبل أن تكون مهينة للمرأة على وجه التحديد. فقد أعاد الإسلام الاعتبار للمرأة في نظام الاجتماع البشري، وأعطاها حقوقها بما يليق بها كشريك للرجل في حمل الأمانة والنهوض بأعباء خلافة الله على الأرض ، حتى ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجة الوداع وفي اخر عمره قد خطب في الناس وقال "إستوصوا بالنِساء خَيرًا"


————————————

1- الدر المنثور، ج2 ص131.

2- سنن أبي داود ج 1 ص 464.


شارك الموضوع مع أصدقائك

التعليقات


EmoticonEmoticon