لتاريخ الشيوعية الأسود
بسم الله الرحم الرحيم
كما رأينا الشيوعية التى وعدت البشرية بالعدالة والسلام لم تأت لهم إلا بالخراب والموت..
ورأينا القحط الذى تسبب فيه لينين لروسيا..
وكيف حكم البلاد طيلة 6 سنوات بالرعب والإرهاب..
لم يكن ذلك إلا بداية..
بل لم تكن تلك الجرائم تذكر بجوار الجرائم التى سيقوم بها جوزيف ستالين..
الذى يعد واحدا من أكثر البشر إجراما على مر العصور..
والذى لقب بالقيصر الأحمر لشدة ما فعله فى روسيا..
لقد نقل روسيا من عصور الجهل والظلام إلى عصر الصناعة والفضاء والذرة..
ولم يكن ذلك بلا مقابل..
بل كان ذلك على جثث الملايين من الشعب الروسى..
بدايته
كان والده إسكافيا سكيرا ، و أمه سيدة بسيطة فقيرة ، ألحقته بالمدرسة وأبدى تفوقا ملحوظا فى دراسته ، فشجعته أمه بمعاونة قسيس البلدة على أن يلتحق بكلية اللاهوت أرقى المدارس يومئذ فى جورجيا لأنها كانت تتمنى أن يصبح رجل دين ولكنه كان شديد السخط على المدرسة وعلى الدولة مما جعله يحجم عن دخول الإمتحانات لعامين متتالين.
وهو فى التاسعة عشرة من عمره قرأ كتاب “أصل الأنواع” لتشارلز داروين الذى ترجم إلى اللغة الروسية عام 1897 ، وانتهى به الكتاب مثل ملايين الروس إلى الإلحاد المطبق ، فنبذ المسيحية وهجر مدرسته واتجه إلى النشاط الثورى
بدأ فى القيام بالأعمال الإجرامية كالسرقة والقتل وهذا من صميم مناهج الشيوعية التى تحض على نبذ الدين والأخلاق والعائلة
والتحق بالحزب الشيوعى الناشئ حديثا ، وارتقى سريعا فيه حتى أضحى السكرتير العام للحزب وأصبح ذا نفوذا واسع. حتى أن لينين كان يخشى على نفسه وعلى الحزب من ستالين قائلا فى وصيته للحزب : على الرفاق أن يبحثوا عن سبيل لإخراج ستالين من هذا المنصب وتعيين رجل أخر يختلف عن ستالين تماما ، فيكون أكثر صبرا ، وأكثر إخلاصا وأدبا “
وقال بوكانين أحد مساعدى لينين إن ستالين هو جنكيز خان الذى سيقتلنا جميعا“
سياسته بعد موت لينين
وبعد موت لينين ، حدث فراغ سياسى كبير فى روسيا ، وأصبح الصراع على أشده بين ستالين ومنافسيه
فعمل أولا على التخلص من أكبر منافسيه تروتوسكى ، لم يستطع ستالين قتله لأن تروتوسكى كان يعد من كبار أعوان لينين ولديه نفوذا كبيرا وأعوانا فى الحزب الشيوعى ، فنفاه خارج البلاد ، وبعد عدة سنوات عملت المخابرات على التخلص منه ، فقتلوه فى المكسيك
ثم أطلق يديه فى البلاد ليتم ما بدأه سلفه القبيح لينين
لم يكن لينين قد وضع أتم وضع يد الدولة على جميع الأراضى الزراعية ، فأتم ستالين المهمة وصارت كل أراضى روسيا الشاسعة تحت سيطرة الحكومة ، ونشط موظفو الحزب الشيوعى فى جمع كل ما تصل إليه أيديهم من محاصيل وحبوب ، بل وكانت الدولة تغتصب أيضا الألات الزراعية والمحاريث ، وظهرت من جديد الكارثة التى كان يراها لينين مفيدة جدا للشيوعية ، وهى القحط
وبزغ فى الأفق مرة أخرى شبح المجاعة
مات ما يقرب من 6 ملايين شخص ، معظمهم من الأطفال ، الذين كانوا يتحولون إلى هياكل من جلد وعظم ، ثم يموتون
وانتهت تلك المجاعة إلى ماسأة مخيفة
حيث انتهت إلى ظهور آكلى لحوم البشر
بدأ الفلاحون أولا فى أكل الجيف وجثث الحيوانات
ثم وصل الأمر لبعضهم إلى خطف الأطفال وأكلهم
وقبض على فلاح وامرأته وبحوزتهم بقايا أطفال تم سلقهم فى الماء المغلى
يقول غاندى : إذا عامل الحكام شعبه على أنهم حيوانات فإما أنهم يثوروا عليه أو يصبحوا فعلا حيوانات
وهكذا تحققت الماركسية الداروينية ، فتحول الإنسان إلى حيوان متوحش عديم الأخلاق والقيم
وهكذا وضع ستالين يده على كل وسائل الإنتاج الزراعية والصناعية والتجارية ومرغ أنف شعبه فى الوحل
ونزع أملاك كل من كان له ملكية خاصة وضمها إلى الملكية العامة للدولة بدعوى تطبيق الشيوعية
فاغتصب مال وأملاك الأثرياء و زج بهم فى الحقول والمصانع يعملون جنبا إلى جنب مع الفلاحين والمزارعين
وأصبح الشعب كله طبقة واحده تعيش في فقر مدقع
ومن كان يظهر على وجهه علامات الرفض أو الاشمئزاز ، يقبض عليه ويعدم بلا رحمة
وجرى طرد 25 مليونا من مزارعهم و قتل أكثر من 3 ملايين شخص
كما تم قتل مئات من رجال الدين ورجال الكنيسة وفرضت الرقابة الصارمة على وسائل الإعلام والمطابع
ومن شدة ما فعله فإن ابنته سوتيلانا هربت من روسيا بعدما فشلت فى تغيير والدها ليكون رحيما بالناس أما زوجته “ناديزدا أليوفنا” فقد قتلت نفسها بالمسدس بعد أن يئست من جرائمه
فتحول ستالين إلى إنسان أشد قسوة وغلظة مما كان عليه بعد فقد زوجته وابنته ونزعت من قلبه أى معنى من معانى الرحمة
سياسته فى الحزب والبرلمان
عام 1934 وأثناء الإنتخابات العامة للحزب لمنصب السكرتير العام للحزب خسر ستالين الإنتخابات أمام منافسه سيرجى كيروف
حيث انتخب ستالين 600 شخص من جملة 1900 شخص هم أعضاء اللجنة السياسية بالحزب الشيوعى
وفورا ، أحرقت صناديق الإنتخابات وأعيد طباعة النتائج وظهرت النتائج بالإجماع العام على ستالين
وكنتيجة بدأت عملة تطهير لتلك اللجنة ، فتم اغتيال 1000 شخص من جملة أعضاء اللجنة على عدة أشهر
ليس هذا فحسب ، بل دبرت المباحث العامة للدولة بأمر من ستالين عملية اغتيال للتخلص من سيرجى كيروف ثم تخلص من رئيس حرس كيروف أيضا ومن جميع من حوله لتختفى أثار تلك الجريمة
وتم عمل جنازة مهيبة لسيرجي كيروف سار فى مراسمها ستالين نفسه
واتخذ ستالين حادث الإغتيال حجة للتخلص من كل معارضيه ، حيث اتهمهم بتدبير ذلك الحادث وقام بعمليات اعتقالات واغتيالات بين أعضاء الحزب والحكومة.
لقد كان على أي شخص يرغب فى البقاء على قيد الحياة أن يظهر ودا ونفاقا غير عادى لستالين.
كانوا يصعدون المؤتمرات ويظلون لعدة ساعات يكيلون المديح له ولسياسته
لقد كان ستالين يعدم أشخاص لمجرد أنهم لم يظهروا له الولاء اللازم
وأثناء خطاباته فى الحزب ، كان الأعضاء يصفقون لكلمته ، وكان التصفيق يدوم لدقائق طويله لأن كل شخص كان يخشى أن يتوقف عن التصفيق أولا فيلفت انتباه ستالين.
أنشأ ستالين ما يعرف باسم معسكرات العمل الجماعى ، ومقرها سيبريا حيث درجة البرودة تجاوز ال 50 درجة تحت الصفر ، وكان المعتقلين المغضوب عليهم من ستالين يعملون فى تكسير الحجارة فى تلك المعسكرات الباردة المظلمة ، فيتحولون فى غضون عدة أيام إلى هياكل عظمية ، ثم ما يلبثوا أن يموتوا من الضعف والوهن
سياسته فى الجيش
فى الفتره من عام 1933 وحتى عام 1939 قام البوليس السرى الوحشى التابع لستالين بعمليات إغتيال منظمة لقادة الجيوش الروسية
فقتل عشرات المارشالات والجنرالات ، وأرسل المئات إلى معسكرات الموت فى ثلوج سيبيريا ، هذا فضلا عن عشرات الألاف من الضباط
فأصبح الجيش كأسد بلا رأس بعد أن ذهب قادته بلا رجعة
وسببت سياسته هذه نكبة روسيا في الحرب العالمية الثانية
وكنتيجة أعماله فى البرلمان والجيش والشعب ، مات بين عامى 1932 و 1939 ، ما يقرب من مليون شخص وضمت المعسكرات ما يقرب من 7 مليون شخص يموت المئات منهم يوميا تحت ظروف العمل القاسية.
الحرب العالمية الثانية
كان ستالين قد عقد معاهدة سلام مع هتلر
ولكن كان هتلر بينه وبين نفسه يضمر الشر لروسيا
حيث لم يكن يكره في حياته أكثر من اليهودية والماركسية والشيوعية ، وكان يرى أن سلامة العالم يكمن فى إبادة اليهود والشيوعيين إبادة تامة
ولم يستطع أن يكبح جماح أحلامه التوسعية رغم المعاهدة مع روسيا بعد أن أكتسح أوروبا حتى حدودها الشرقية
ووضعت خطة غزو روسيا باسم كودى هو : بارباروسا ، ولم يكن يعلمها سوي 8 أشخاص من كبار قادة الجيش الألمانى
وتواردت الأخبار من جواسيس ستالين أن الألمان على وشك الهجوم على روسيا
ولكن ستالين صاحب العسكرية الضحلة لم يصدق ، بل وكان يؤنبهم تأنيبا شديدا ويتوعدهم إذا استمروا فى إرسال هذه الأخبار الكاذبة
وفى مايو عام 1941 …. فى نفس الوقت الذى كان ستالين يقضى صيفه على شواطئ البحر الأسود … اندفع الجيش الألمانى كالإعصار مجتاحا روسيا من جهة الغرب ، يحمل هدفا واحدا ، هو كسر شوكة الجيش الروسى إلى الأبد
وسحق أمامه كل القوات الروسية و البلدان والقرى وتوغل داخل الأراضى الروسية الشاسعة
ولما وصل الخبر لستالين أصيب بالخرس مدة 10 أيام من الصدمة ، ولم يدل بتصريح واحد حتى ظن الناس أنه مات
لقد أيقن بالهزيمة واستسلم لها كأى قائد فاشل ، وأي فشل بعد أن قتل بيديه قادة جيوشه ، فأضحى الجيش ممزقا
ليس هذا فحسب بل ألقى باللوم على الجيش وأعدم مئات الألوف من الجنود والضباط بتهمة الخيانة العظمى
وفى غضون ثلاثة أشهر ، قتل الجيش الألمانى و اعتقل ما يقرب من 3.5 مليون روسى متجها نحو ستالينجراد
لكن ستالين قام بإعدام أعداد أكثر من ذلك
والجيش الروسى يبذل أقصى ما فى وسعه لمقاومة لصد الألمان عن ستالينجراد، فقط مقاومتهم حتى يحل الشتاء
ثم بدأ الشتاء
وانخفضت درجة الحرارة إلى معدل رهيب لا يناسب الجندى الألمانى
وتجمد الوقود داخل السيارات والدبابات ، وظهر المرض والضعف على الجنود ، فبدأ الإنسحاب والتقهقر الألمانى تدريجيا وتنفس ستالين الصعداء
ثم قام بأكثر الأفعال غرابة ، فكان يظهر أمام الناس رافعا الصليب ليحث الناس على القتال باسم المسيح وباسم الصليب
وهو الذى نكل بالكنيسة وخربها وقتل مئات من رجال الدين
وهكذا الشيوعية ، لا مبادئ ولا أخلاق ولا دين ، افعل أي شيء لتكسب المعركة
ثم كان النصر الأول لروسيا فى معركة ستالينجراد التى استسلم فيها الألمان ، وأسر 300.000 جندى ألمانى وهى قوة كثيفة ، كفيلة بقلب الموازين لصالح الروس.
وبدأت الحرب المضادة الروسية ، حتى وصلوا إلى ألمانيا
ووضع ستالين يده فى ذلك الوقت على كل البلدان الشرقية التى كانت تحتلها ألمانيا
كيوغوسلافيا والمجر وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا وبولندا وتم تصدير الشيوعية لكل تلك الدول قسرا
وانتهت الحرب لصالح روسيا والحلفاء عام 1945 ، مما جعل ستالين أكثر تكبرا وتجبرا وظهر كأنه البطل صانع النصر والمجد
ستالين والزراعة
كما ذكرنا أن أحوال الزراعة وقت روسيا القيصرية كان أفضل بمئات المرات عما كانت عليه فى روسيا الشيوعية
وكان كعادته يلقى باللوم على الشعب والفلاحين وغيرهم
ولم يكن أي شخص يجرؤ على قول عكس ذلك وإلا فمصيره الموت ، ليس هو وحده بل هو وجميع أفراد عائلته كعادة الدول الشيوعية الفاسدة
صعد أحد العلماء الروس المحدثين فى الزراعة بأحد النظريات الغريبة التى تقول : إن الكائنات الحية والنباتات تطور نفسها حسب البيئة التى تعيش فيها
واستندت هذه النظريه إلى نظرية داروين عن التطور
وأعجب ستالين بالنظرية جدا ، وأمر بتطبيقها على القمح بلا سابق تجربة
فوضعت ألاف الأطنان من حبوب القمح فى الماء البارد ، ثم تم زرعها فى أصقاع سيبيريا
وكان المتوقع حسب النظرية أن يتطور القمح وينمو فى ذلك الجو شديد البرودة
وكانت النتيجة أن ماتت المحاصيل بالكامل
وانخفض الإنتاج الروسى من القمح بشدة
وألقى ستالين اللوم على العلماء والفلاحين ، بل وقتل من العلماء من عارض تلك النظرية واستمر على غبائه وتعنته و بقى متمسكا بتلك النظرية حتى وفاة ذلك العالم الشاب
اعترافه بإسرائيل
كان الدولة الثانية التى اعترفت بإسرائيل عام 1948 بعد أمريكا هى روسيا
رغم أنها تنبذ الأديان ،إلا أنها سارعت بإعلان إعترافها بدولة إسرائيل ، وهذا هو وجه الشيوعية القبيح
النهاية
بدأ المرض والوهن يدبان فى جسد ستالين العجوز
وكان بيريا نائبه ورئيس البوليس السرى يجلس بجواره على فراش الموت ، فما أن يصاب ستالين بإغماءة حتى يظل بيريا يسبه ويلعنه ويبصق عليه وما أن يفيق ستالين حتى يجهش بيريا بالبكاء ويتألم بصوت عال ممثلا حبه العميق لستالين
ومات ستالين السفاح المجرم في عام 1953
والعجيب أنه أنفق أموالا طائلة في حياته على نفقة الدولة للعلماء لكى يخترعوا دواءا يطيل عمره حتى المائة عام
يقول الله تبارك وتعالى على أمثاله : يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر
وكان مجموع ما خلفه من ضحايا هو 42 مليون إنسان ، فضلا على 15 مليون فى معسكرات الموت
وترك خلفه شعبا مدمر العقيدة والفكر يعيش حياة الخوف والرعب
وهكذا انتهت حقبة من أسود حقب الشيوعية والتى استمر تأثيرها عقودا طويلة
ونستعرض فى المرة المقبلة الشيطان الثالث والأخير الذى مات فى عهده من الصينيين ما يفوق مجموع من ماتوا فى عهد لينين وستالين
فإلى لقاء
المصادر
حلقات مصورة من قناة الجزيرة الوثائقية
كتاب تاريخ زعماء الحرب العالمية الثانية – المؤلف فريد فالوجى
كتاب القيصر الأحمر جوزيف ستالين